في وزان، كل الطرق تؤدي إلى المكًانة، تلك المعلمة التي تفوق شهرتها لدى
أبناء وزان ساعة “بيغ بين” ببريطانيا، فمن هناك تنطلق رحلة الألف خطوة من
سافلة زقاق الملاح إلى غاية نهاية شارع الرمل، رواحا وإيابا لمرة أولى
وثانية وثالثة، وحينما يتعب المرء، يتوجه رأسا إلى المكًانة للوقوف
بجانبها، والشروع في تفحص تعابير وجوه المارين أو القادمين المتعبين من
تسلق شارع البوسطة… خطوات مباركة يقوم بها الوزاني كل يوم للترويح عن النفس
ومعرفة أحوال المدينة ولقاء الأصدقاء… حتى أصبح كل وزاني يضبط برنامجه
اليومي بالمكًانة، سواء بظرفها الزماني أو المكاني.
غريب أمر هذه المدينة التي تتوفر على واحدة من أقدم الساعات
الضخمة بالمغرب، كيف توقف الزمن بناسها وعمرانها منذ عقود مضت، كيف يكون
لدى أهلها مفهومهم الخاص للزمن، كيف يكون الوقت عملة زهيدة لا يعيرها شعب
المكًانة أدنى قيمة، كيف يقصد المئات من الناس يوميا شارع “شوفوني” لقتل
ساعات زمن، كيف يقعد البعض ساعات طوال بالمقاهي المنتشرة هنا وهناك أكثر من
نبات الفطر بمنطقة رطبة لا تصلها الشمس!! مفارقة.
وزان، هي تلك الحاضرة التي أراد لها حكامها، أو من يدعون
مسؤولية تسييرها، أن تبقى حبيسة مجد ماضيها، أسطورة تاريخها، عراقة
زاويتها، لا أن تتطلع إلى مستقبل مشرق يعوضها عن سنوات ضياع كانت فيها
عبارة عن مدينة مع وقف التنفيذ… مدينة احترف مسؤولوها صناعة اليأس والملل
ودفع الناس عنوة إلى “قتل الوقت”، لم تبن في مدينة وزان مصانع لتشغيل أفواج
العاطلين، لم تؤسس شركات لإدماج الخريجين، ولم يخطط لتوسع المدينة
لاستقبال جدد الوافدين، كانت المدينة تنمو على نفسها، وتكبر معها مشاكلها.
في ذلك الحين، كان يتطور لدى المواطن الوزاني مفهومه الخاص
للزمن يتماشى مع وتيرة الحياة البطيئة بالمدينة وقلة شغل يملأ ساعات الفراغ
الطويلة، هي نقمة كما يراها البعض، موت بطيء لشباب في سن العمل والإنتاج
لا هم لهم سوى التنافس على لقب من يقتل أكبر عدد من الساعات بالتجوال في
حواري المدينة أو الجلوس في المقاهي لتزجية الوقت في انتظار ساعة النوم…
وتكرار هذا البرنامج اليوم، وغدا، وإلى ما لا نهاية.
هي نعمة أيضا لأبناء وزان ممن يعيشون بعيدا عن المدينة التي
يعشقونها حد الهوس، حينما تأخذ الدنيا وهمومها الإنسان من حياته ويبقى
سجينا لعمله ولوتيرة حياة متسارعة لا تفسح للذات مكانا ولا زمانا للراحة
والاستكانة، يعود إلى وزان وكأنها استراحة محارب، وأنا من هؤلاء دون
مبالغة، كم هو جميل حينما يستيقظ الواحد صباحا في ساعة متأخرة، يفطر على
مهل، يخرج في جولة صباحية، يجد الناس تمشي الهوينى، تطالع صفيحة الصباح
وترتشف قهوة دافئة بشغف، وحينما تتفحص ملامح الجالسين أو العابرين.. لا تجد
أثرا للاستعجال على وجوههم، لا يملكون ساعات تثقل معاصمهم، لا تزحمهم
مواعيد العمل أو الصفقات، أولئك من يعملون بحكمة “لي بغا يربح العام طويل”.
المكًانة، مهما كانت تظل رمزا لمدينة وزان العريقة، ومن جاء وزان ولم
يمر بمحاذاتها ولو لمرة واحدة كأنه لم يزر دار الضمانة، هي رمز أيضا
للمفارقة التي تعيشها ويغرق فيها سكانها، هي المعلمة الشاهدة على ما عاشته
وزان خلال تاريخها، على مآسيها وأفراحها، على آمالها وخيباتها… هي الساعة
التي حتى وإن كانت عقاربها غير مضبوطة دوما، لا يمكن لك أن تمر بمحاذاتها
دون أن تسترق النظر إلى التوقيت المتوقف الذي تشير إليه… هذا هو ما يفعله
أي مواطن ينتمي فعلا إلى شعب المكًانة، أبناء مدينة وزان.
إقليم وزان المغربي
{{== إقليم وزان المغربي == تقع على خط 48°34' شمالا 5°35' غربا, على الشريط الجنوبي لجبال الريف المفربي،
صار يوم السبت 6 مارس 2010 يوماً تاريخياً لساكنة وزان. فهل كان
أحد من أهلها يتوقع يوما بأن هذه المدينة ذات الحضور الوازن في تاريخ
المغرب سيتم إنصافها يوما بعد أن عاشت على مدى قرابة خمسة عقود ضحية مقولة
مخزنية تقول(اتركوا أهل وزان في وزانهم يفعلون ما يشاءون).لكن وهذه شهادة
للتاريخ سيشكل الورش الكبير (ورش المصالحة والإنصاف) الذي أطلقه الملك محمد
السادس بعد تربعه على العرش المدخل الأول لإنصاف دار الضمانة عندما اختار
زيارتها بعد العقاب الظالم الذي تعرضت له في الماضي، واستجابته لمطالب
السكان التي كان على رأسها رد الاعتبار لدار الضمانة من خلال فك ارتباطها
عن جهة الغرب وترقيتها على عمالة، وهو الحدث التاريخي الذي عاشته المدينة
يوم السبت الأخير. وتميزت مراسيم حفل تنصيب السيد محمد طلابي كأول عامل على
رأس عمالة وزان بالكلمة الهامة التي ألقاها السيد محمد سعد العلمي الوزير
المنتدب لدى الوزير الأول المكلف بتحديث القطاعات العامة. فبعد أن ذكر
السيد الوزير بأهمية هذا الحدث التاريخي الذي تعيشه المدينة، مؤكدا بأن
ترقية وزان إلى عمالة يندرج في إطار سياسة القرب والمصالحة التي ينهجها ملك
البلاد ليس على مستوى الإدارة وحسب، ولكن وبالأساس بتوفير شروط ووسائل
التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتوفير إمكانيات إضافية للاستثمار في إقليم
يزخر بالثروات والموارد ضلت على هامش دورة الاقتصاد الوطني.
تاريخ مدينة وزان :
لأصل تسمية المدينة راجع إلى ثلاثة روايات. الأولى فحواها أن أصل
الكلمة لاتيني، وقد أطق هذا الاسم على المدينة من طرف أحد أباطرة الرومان
الذي كان ولي عهده يحمل أوزينوس، ومنه جاءت كلمة "وزان".
والثانية مفادها ان نهرا كان يمر بالمدينة اسمه واد الزين ومنه اشتق اسم المدينة "وزان".
والثالثة الاسم أشتق من الكلمة العربية "الوزان" التي أطلقت على
أحد الأشخاص المسمى بعبد السلام الذي كان يضع موازين له بمدخل المدينة
بالمحل المعروف حاليا بالرمل،
وحيث كان التجار ملزمون باللجوء إليه لوزن بضاعتهم وسلعهم فأطلقوا عليه اسم الوزان، الذي حملته المدينة فيما بعد، نظرا لكثرة تداوله.
مرحبا هههههههههه تحلية عليكم
ردحذف